هل خططت لحياتك ؟ و إذا كنت مخطط لها هل يمكنني أن أرى المخطط الورقي المكتوب المدون فيه خطة حياتك تلك ؟
ما هي الأهداف التي ترمي إليها ؟ و ما هو آخر هدف حققته وتحول من شكل حلم غير محسوس إلى واقع ملموس ؟
الحقيقة البداية العملية لتنمية أنفسنا تبدأ من التخطيط الذاتي لحياتنا و تنظيم حياتنا و تدعيم راحة بالنا تنبع من تحديد الأهداف التي نريدها في فترات زمنية محددة ، فأنا اعتقد أننا إذا تعلمنا هذه الأمور و من ثم وجهنا تركيزنا إلى تحقيقها في واقعنا العملي سنحل بأنفسنا نسبة كبيرة من مشاكلنا التي نعاني منها و سلبياتنا التي نعيشها و سيتبدل الغث من أفكارنا لتحل محله أفكاراً منظمة هي في الواقع مجموعة من البدائل و الحلول التي تتبدل و تتغير من أجل تحقيق أهدافنا التي حددناها في مخططنا الذاتي .
لعلك تقول هذا الرجل يبالغ ، الحقيقة ما أقوله أبعد عن المبالغة بمكان ، فالتخطيط الذاتي ووضع الأهداف هو برنامج أقرب في تصوره بالمنهج الشخصي للحياة ، فقد أثبتت الدراسات أن كل إنسان منا يرى الحياة بوجهة نظر مختلفة عن أي إنسان آخر ، لذلك فبرنامج التخطيط الذاتي ووضع الأهداف ، هو المنهج الذي يحاول الإنسان السير عليه ليعيش حياته بوجهة نظره التي يراها إنما بشكل مقنن و محسوب .
والحقيقة أنني من أحد المهتمين بهذا البرنامج على اعتبار أنه يبعد الفرد منا عن الحياة البوهيمية و أنا أكره أن أكون بوهيمياً (أي أعيش لمجرد أنني عايش هائم على وجهي اهتمامي الأوحد سد احتياجات جسدي و شهواته) ، و أنا أكره لأي أخ لي أن يكون كذلك ، ترى لعل هذا الموضوع يمكن أن يكون بداية جديدة نبدأ بها حياتنا ، و حلاً لمشكلة آفة " التفاهة " المصاب بها عدد من شباب الأمة بل و حلاً لاهتمام عدد من الشباب بالأغاني سمعاً و رؤية ، نعم فتصور أن لديك هدفاً حددته و أنت الآن في مرحلة تنفيذه ترى هل تجد وقتاً تفعل فيه أي شئ خاصة و أنت لديك عملك أو دراستك و لديك التزاماتك الدينية و علاقتك مع خالقك و لديك علاقات أسرية واجتماعية يومية ؟ يا سلام إذا كنت أيضا ممن يعرفون مهارات التعامل مع الوقت " ستعرفها في مجموعة دروسنا قريباً إن شاء الله تعالى " تخيل يومك مشحون بكل هذه المهام بالإضافة إلى أوقاتك الشخصية و خلوتك الذاتية اليومية ، هل ترى أنه سيكون لديك وقتاً أخي الكريم لتسمع أغنية أو ترى ، فتاة تغني و تتعرى أمامك على قناة فضائية ، أعتقد لا
فلنبدأ برنامج التخطيط الذاتي ووضع الأهداف و الوصول إليها بأمر الله تعالى .
التخطيط الذاتي
يقصد بالتخطيط الذاتي : أنه المنهج الشخصي الشامل للفرد الذي يعيش على أساسه حياته بشكل منظم و محدد .
أهمية التخطيط الذاتي
أنه يساعد الفرد على ممارسة نشاطات حياته بالشكل المطلوب و تحقيق إنجازات دينية و نفسية و اجتماعية و مادية عملية شخصية .
كيف تخطط منهاج حياتك ؟. مخططك الذاتي لابد و أن يكون مكتوباً
أولاً لابد أن تعلم قبل بدئ الحديث عن الخطوات العملية للتخطيط الذاتي ، إن أي مخطط لابد و أن يكون مكتوباً و مدوناً ، فأي مخطط مخزن في الذاكرة لا يندرج تحت بند المخطط الذاتي بل هو شئ آخر الحقيقة و لكنه ليس مخططاً ذاتياً ، و لإعداد هذا المخطط ينبغي معرفة أنه من الضروري الإعداد لهذا المخطط لذلك يستوجب عليك كتابة عناصر مخططك هذا على ورق خارجي (كروكي) و من ثم بعد أن تستقر على تلك العناصر أكتبها في مخططك الذي سأعرض نموذجاً مفترضاً له عليك بعد قليل .
العناصر العملية للتخطيط الذاتي :
1- عملية الإدراك الذاتي و جوانب الذات الأربعة .
لتحدد منهاج حياتك و تخططه لابد أولاً أن تتعرف على مصطلح يسمى الإدراك ، و الإدراك هو عملية الانتباه ، بمعنى أن تتنبه لأمور حياتية خاصة بك سأشرحها لك الآن ، عملية الانتباه هذه هدفها أن تتعرف على موقعك الحالي ، أين أنت من هذه الأمور ، أين مكانك ، الحقيقة إن عملية الإدراك (خاصة بعد التعرف عليها و دراسة تقنيتها كاملة ) تمثل 50% من الطريق نحو التغيير ، لذلك المطلوب منك أن تدرك أين أنت من الجوانب التالية و التي تسمى " جوانب الذات الستة " و هي
1- الجانب الروحاني (الديني).
2- الجانب النفسي .
3- الجانب الجسدي الصحي .
4- الجانب الاجتماعي .
5- الجانب المهني
6- الجانب المادي
هذه هي الجوانب الرئيسية التي تغطي جميع نشاطات حياتك و التي تتفرع منها مشكلاتك و أزماتك عندما يكون هناك خلل ما في التعامل معها أو نقصها .
التمرين الأول _ سرد واقع الجوانب الستة _
المطلوب منك أن تكتب أين موقعك من هذه الجوانب الستة بلا زيادة ولا نقصان و أن تتحرى الأمانة الذاتية ولا تقحم رأيك فيما تكتب أو آمالك المستقبلية و طموحاتك ، نريد الواقع الحقيقي الملموس الدقيق لهذه الجوانب الستة و لنجاح هذا التمرين يجب كتابة بياناته على هيئة عناصر ، كل عنصر في سطر ، ولا تربط كل جانب بالآخر كسبب له ، فلا تربط مثلاً بين عناصر الجانب الاجتماعي بعناصر من الجانب المادي و حاول أن تكون العناصر المرتبطة بكل جانب من الجوانب الستة في صفحات مستقلة .
التمرين الثاني _ التأمل و التصفية _
تأمل في ما كتبت ، و تيقن منه و احذف الزيادات و الإضافات التي لا تماثل الواقع ولا تطابق شروط التمرين الأول و من ثم اعد كتابة ما كتبته بعد تصفيته من هذه الإضافات و الزوائد .
التمرين الثالث _ تمرين الجوانب الأربع _
قم بتجنيب ما يرتبط بالجانب الخامس و الجانب السادس (الجانب المهني و الجانب المادي ) و أحتفظ بصفحاتهم في مكان آخر ليتبقى لك العناصر المرتبطة بالأربع جوانب الأخرى .
1-الجانب الروحاني (الديني).
2-الجانب النفسي .
3-الجانب الجسدي الصحي .
4-الجانب الاجتماعي .
أما باقي الجوانب سنخصص الحديث عنها في برنامج الأهداف ..
هكذا قمت بعمل عملية إدراك لواقعك الحالي .. خذ نفس عميق .. و تابع معي ما يسمى " بفلسفة التخطيط الذاتي "
فلسفة التخطيط الذاتي
فلسفة التخطيط الذاتي تعتبر المقياس الصحيح السليم لعملية التخطيط ، فأي أسلوب آخر خلافها هو أسلوب ليس قائم على أساس حقيقي ، و تعتمد فكرة هذه الفلسفة على المحددات التالية :
1- "التحديد الكمي" لكل جانب من الجوانب الأربعة
و يقصد بالتحديد الكمي للجوانب الأربعة ، هو تحديد ما تراه من جوانب محددة تحسن و ترفع من مستوى احتياجاتك من كل جانب من هذه الجوانب و ينبغي في هذه الجوانب التحديد الواضح المحدد بالاسم فالتخطيط الذاتي لا يعرف مفهوم " العموم " ولا يعترف به .
مثال على الجانب الكمي
في الجانب الروحاني (الديني)
يقول الناس عموماً نريد التقرب إلى الله سبحانه و تعالى أو نريد الالتزام .. هذه جوانب " معممة" التعميم غالب عليها فلا تعتبر من الشكل الدقيق الذي تعتمد عليه " فلسفة التخطيط الذاتي " ، لذلك عندما نطبق هذا الجانب بالشكل الأمثل نقول
خطة التزامي في الطاعات ستكون كالتالي (مثلاً)
خطة الصيام
صيام صحيح لعدد60 يوم على مدار السنة مثلاً تنقسم إلى (30 يوم شهر رمضان ) (6 أيام من شوال) (الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة ) (يوم عاشوراء) (صيام الاثنين و الخميس ) من عدد خمسة أسابيع في آخر العام و ثلاثة أيام غير محددة و لكن على مدار العام .
خطة القرآن
لا تقل من ضمن رغبتك في الالتزام " سأقرأ القرآن " فقط و تصمت ، هذا الأمر يتم وضع خطة كمية له بأتباع التحديد الكمي كما يلي :
سأحدد ورد يومي لا يقل عن " حزب " في اليوم مثلاً إذا ستختم القرآن مرة كل شهرين أي ستختم القرآن ستة مرات على مدار السنة . و هكذا .